إدارة الشئون الفنية
الأسباب الجالبة لحسن الخاتمة

الأسباب الجالبة لحسن الخاتمة

26 مارس 2021

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 13 من شعبان 1442هـ - الموافق 26 / 3 /2021م

الْأَسْبَابُ الْجَالِبَةُ لِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِيدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الَّذِي خَلْقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَنُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابَهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، وَاحْذَرُوا التَّمَادِيَ فِي الْمَعَاصِي، لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْخِذْلَانِ، ] يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102].

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

تَعَالَوْا نَتَذَكَّرْ أَصْعَبَ اللَّحَظَاتِ فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ وَأَحْرَجَهَا، وَأَعْسَرَ مَرَاحِلِهِ وَأَخْطَرَهَا؛ لِنَسْتَعِدَّ لِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ بِتَوْفِيقِ الرَّحْمَنِ وَتَسْدِيدِ الْمَنَّانِ؛ إِنَّهَا اللَّحَظَاتُ الْأَخِيرَةُ مِنْ عُمُرِ الْإِنْسَانِ، وَآخِرُ صَفْحَةٍ مِنْ دَفْتَرِ حَيَاتِهِ، الَّتِي يُطْبَعُ عَلَيْهَا خَتْمُ السَّعَادَةِ الْأبَدِيَّةِ، أَوِ الشَّقَاوَةِ السَّرْمَدِيَّةِ.

إِنَّ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ وَلِقَاءَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا أكْرَمَ بِهِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَشَرَّفَ بِهِ مِنَ الْإيمَانِ؛ مَطْلَبُ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَأُمْنِيَّةُ كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَيُحِبُّ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ تَوَّاقٌ، وَيَسْعَى لَهُ جَهْدَهُ وَإِلَيْهِ يَشْتَاقُ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:

إِنَّ لِحُسنِ الْخَاتِمَةِ أَسْبَابًا يُسْعِدُ اللهُ تَعَالَى بِهَا عَبْدَهُ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْحِرْصِ عَلَيْهَا:

وَمِنْهَا: تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ وَفِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وَالدَّوَامُ عَلَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ عَلَى تَقَلُّبِ الظُّرُوفِ وَالأَهْوَالِ، قَالَ تَعَالَى: ]تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[ [القصص:83].

وَمِنْهَا: الاسْتِقَامَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَهِيَ أَنْ يَلْزَمَ الْإِنْسَانُ طَاعَةَ اللهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، فَمَنْ عَاشَ عَلَى شَيْءٍ مَاتَ عَلَيْهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ]يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ[ [إبراهيم:27]، وَقَدْ بَشَّرَ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الاسْتِقَامَةِ بِتَأْيِيدِ الْمَلَائِكَةِ وَتَثْبِيتِهِمْ لَهُمْ عِنْدَ الْمَمَاتِ، وَفِي الْقَبْرِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ]إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ[ [فصلت: 30 – 32].

وَمِنْهَا: الالْتِجَاءُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ، وَالاطِّرَاحُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يا مُقلِّبَ القُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «نَعَمْ؛ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَينِ مِنْ أَصَابِـعِ اللهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ].

 وَمِنْهَا: أَنْ يُحْسِنَ الْعَبْدُ ظَنَّهُ بِاللهِ تَعَالَى دَائِمًا، وَخَاصَّةً فِي آخِرِ لَحَظَاتِ عُمُرِهِ، وَعِنْدَ شُعُورِهِ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ، وَأَنْ يَرْجُوَ سَعَةَ رَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ فِي مَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ؛ فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بالله الظَّنَّ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ؟» قَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ؛ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُعِينَنا عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَغَمَرَاتِهِ، وَأَنْ يُحْسِنَ مُنْقَلَبَنا إِلَيْهِ، وَأَنْ يُسْعِدَنَا بِالْفَرَحِ بِلِقَائِهِ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَمَنِ اسْتَنَّ بِسُنّتِهِ وَاهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاحْذَرُوا عَذَابَهُ، وَارْجُوا رَحْمَتَهُ وَفَضْلَهُ، تُنَالُوا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ وَسَعَادَةَ الدَّارَينِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:

وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ:

إِقَامَةُ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَن كان آخِرُ كَلامِه لا إلَهَ إلَّا الله: دَخَلَ الجَنَّةَ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ].

وَمِنْهَا: الْإكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُنَغِّصُ اللَّذَّاتِ، وَيُحَقِّرُ الشَّهَوَاتِ، وَيَجْعَلُ الْآخِرَةَ نُصْبَ الْعَيْنِ، وَيَرْدَعُ عَنِ المعاصي، وَيُلَيِّنُ الْقَلْبَ القاسيَ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هاذِمِ اللَّذّاتِ»؛ يَعني: المَوْتَ. [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ].

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:                             

 وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُورِثُ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ بِفَضْلِ اللهِ وَكَرَمِهِ: تَعْجِيلُ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَالتَّوْبَةُ بِدَايَةُ الطَّرِيقِ وَوَسَطُهُ وَنِهَايَتُهُ، وَهِيَ عُنْوَانُ السَّعَادَةِ وَمَنْشُورُ الْوِلَايَةِ، مَنْ مُنِحَهَا كَانَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ الْفَائِزِينَ، قَالَ تَعَالَى: ] وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ [النور:31]، وقال تعالى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ[ [التحريم: 8].

وَاسْعَوْا- رَحِمَكُمُ اللهُ- إِلَى تَحْصِيلِ أَسْبَابِ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ، لِتُسْعَدُوا بِتَوْفِيقِ اللهِ لَكُمْ بِذَلِكَ، وَاحْذَرُوا أَسْبَابَ سُوءِ الْخَاتِمَةِ. وَعَلَيْكُمْ بِالْأخْذِ بِالنَّصَائِحِ وَالتَّوْصِيَاتِ الصِّحِّيَّةِ، وَالْتِزَامِ الْإِجْرَاءَاتِ الاحْترَازِيَّةِ، كَلُبْسِ الكِمَامَاتِ، وَتَعْقِيمِ الأَيْدِي عِنْدَ الدُّخُولِ إِلَى المَسْجِدِ وَالخُرُوجِ مِنْهُ، وَعَدَمِ مُصَافَحَةِ الآخَرِينَ، وَكَذَا التَّباعدُ بَينَ المُصَلِّينَ فِي الصُّفُوفِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ وَصَحْبِهِ الأَبْرَارِ، وَاحْفَظِ اللَّهُمَّ بَلَدَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، وَشَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ وَالْبَلَاءَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ, إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني